ملّخص رواية (مذكرات الأرقش) لميخائيل نعيمة

القائمة الرئيسية

الصفحات

ملّخص رواية (مذكرات الأرقش) لميخائيل نعيمة

 

ملّخص رواية (مذكرات الأرقش) لميخائيل نعيمة







يزور الكاتب أحد المقاهي العربية في (نيويورك) فيجدّ صاحبها في حالةٍ من الغمّ و الهم، فيرثي لحاله و يسأله مابه، فيخبره أنّه قد فقد منذ أيام رجلًا كان يعمل عنده بالمقهى، و كان هذا نعم الرّجل الأمين الصّادق المخلص، لا يطالب بأيّ شيء و لو كان حقّه. و لم يترك وراءه سوى دفتر أغلب الظّنّ أنّه كان يستعمله لتسجيل حوادث يومه و تأريخها. ثم يردف صاحب المقهى قائلًا أنّه قد فتّش عن (الأرقش) ليلًا نهارًا، في كلّ شوارع المدينة، و سأل مرتادي مقهاه عمّا إذا رأوا ذلك الرّجل، لعله يجده و يعلم منه سبب رحيله المفاجئ دون سابق إنذار، فيضلّ طريقه إليه، و تبوء كلّ محاولات البحث عنه بالفشل
.

 

فلا أحد يعرف من هو (الأرقش) حتى (الأرقش) نفسه!

 

يطلب الكاتب من صاحب المقهى أن يبيعه مذكّرة (الأرقش) فيمنحها إيّاه مجّانًا، فهو لا يجيد القراءة و لا الكتابة، و ما إن يختلِ الكاتب بنفسه و يشرع في قراءة المذكّرات، حتى تستحوذ عليه تفاصيلها، و تستميله أفكار كاتبها، و تطير به من عالمه الذي هو فيه إلى عالم وليد خيال (الأرقش)، هو صانعه و واضع مبادئه و سانّ نواميسه و قوانينه.

 

(الأرقش) رجل فقير معدم، لا يملك إلا أقماطه البالية التي تغطّي جسده الهزيل، لكنّ استعاض عن فقره و فاقته بغنى نفسه و كبر همّته. فهو لا يخالط النّاس لا قليلًا و لا كثيرًا، و لا يؤذيهم لا بالقول و لا بالفعل، فقد صام عن الكلام في شؤون النّاس، و الخوض في أمورهم. هو ينتمي إلى "نصف الانسانية السّاكت" لأنّ السّكوت كلّه صدق حسب رأيه.

 

و هو رجل لا يعرف له أبًا و لا أمًّا، و لا أهلًا و لا وطنًا، و لا ماضي يستحضر ذكرياته فيستأنس بها، و لا مستقبلًا يجهل مآتيه فيعدّ له العدّة. بل ليس له سوى حاضرٌ يحياه بين خدمة زبائن المقهى و تحمّل زرايتهم به و السّخرية منه، و بين الخلوة في غرفته و الانكباب على كتابة مذكّراته.

 

نادرًا ما يدوّن (الأرقش) تفاصيل يومه في مذكّرته، فهو يفضّل الخوض في حوارات بين "نفسه" و "نفسه"، فتارةً يحدّثها عن الموت، و تارةً عن العمل، و تارةً أخرى عن السّكوت، و تارةً عن أطماع الانسان و جشعه، و تارةً عن الحرب و السّلم، و تارةً عن حبيبته الوهمية التي يتمثّل له خيالها فيحادثها بلواحظه دون أن ينبس بكلمة واحدة. و في بعض الأحيان يسامر هرّته و يساهرها، فهي رفيقته في السّكن، و صاحبه الوحيد الذي يحبّه دون تكلّف أو مصلحة، رغم بشاعة وجهه المنخور كالخشبة البالية. و حدث في أحد اللّيالي أنّه صادفها تلتهمّ جرذًا فجلس يراقبها بفضول، حتى إذا أتمّت وجبتها عادت إليه لتلاعبه، و كان ذلك درسًا بالنّسبة إليه، مفاده أنّ الطّبيعة تنتصر دومًا لمن هو أقوى.

 

يذكر (الأرقش) صاحب المقهى العربي الذي يعمل فيه، و هو وجل يُدعى (شين) لا همّ له في دنياه إلا تحصيل الدّينار فوق الدّينار. و لقد انكشف للأرقش حبّ (شين) الجمّ للمال عندما خسر مبلغ ثلاثة آلاف دولار بعد إفلاس البنك المودعة فيه أمواله، و كيف أنّه انقلب إلى رجل مخبول مجنون بعد أن علم أن غلّة أتعابه طيلة خمسة عشرة سنّة قد ذهبت أدراج الرّياح. و مازاد من صحة نظريّة (الأرقش) هو معاتبة (شين) له عندما وجد محفظة بداخلها ما يفوق الثلاثين ألف دولار، فردّها إلى صاحبها دون أن يظفر منها بشيء، بل دون أن يقبل بمكافأة من الرّجل صاحب المحفظة نظير حفظه لأمانته و إرجاعها إليها.

 

يشير (الأرقش) في مذكّراته إلى شخص يشبهه كثيرًا اسمه (سنحاريب) ،هو من روّاد المقهى و من المقامرين فيه. رجلٌ فقير ضعيف البنية، يفضّل العزلة، دائمًا ما يحدج (الأرقش) بنظرات غريبة لا يفهمها إلا هو، و لطالما ظنّ (الأرقش) أنّ (سنحاريب) يحمل له الودّ و الحبّ دون أن يفصح عنهما، إلا أن حدث شجارٌ في المقهى و أُصيبَ هذا الأخير في رأسه فنُقِلَ إلى المشفى، و لما عاده (الأرقش) أنكره و أمر الممرّض بطرده، ثم ما لبث أن أرسل له بقصاصةٍ صغيرة يأمره فيها بكتابة وصيّته.

 

في آخر مذكّراته، يتذكّر (الأرقش) من يكون، و من هم أهله، و إلى أيّ الأوطان يرجع منبته، و ما الذي أوصله إلى هذا المقهى العربي في (نيويورك) ليأكل الخبز المعروك بالمهانه، و يلبس الأسمال المحوكة بالذلّ. اسمه الحقيقي هو السّيد (شكيب نعمان)، شابٌ شهمٌ و نبيل بشهادة الجميع، و آية في الفطنة و الذّكاء و النّباهة، ينتمي إلى أسرةٍ شاميّة مهاجرة إلى (أمريكا)، كانت على صلة مع أسرةٍ أخرى ذات شرف موروث و عزٍّ متناقل بين الأجيال، هي أسرة (حاريب). و كانت تربط (شكيب) صلة بالسّيد (سمعان حاريب) أشبه بتلك التي تربط الأخ بأخيه، و كانت صداقتهما سببًا لتقرّب (شكيب) من (نجلا) أخت (سمعان) ثمّ الزّواج بها.

 

لكنّ المصيبة التي وقعت في ليلة زفافهما أفقدت (شكيب نعمان) ذاكرته، و بدّلت حياته تبديلًا، و صيّرته (الأرقش) الذي يجهل النّاس تاريخه، و يجهل هو نفسه. فقد قتل زوجته و حبيبته (نجلا) في أوّل ليلة زفاف ذبحًا دون أي سبب، ثمّ اختفى كأنّ الأرض بلعته. أما صديقه (سمعان حاريب) فما هو إلا (سنحاريب) مرتاد المقهى. (سنحاريب) الذي أخفى هويّته عن الجميع و ادّعى الفقر و العوز، و هو أغنى النّاس و أوفرهم مالاً. و الأرجح أنّه ما كان يجيء إلى المقهى إلا ليكيد بالأرقش و ينتقم له من مقتل أخته.

Post Navi

تعليقات