ملخّص قصة (الشهداء) من كتاب (العبرات)

القائمة الرئيسية

الصفحات

ملخّص قصة (الشهداء) من كتاب (العبرات)



                قراءة لقصة (الشهداء) من كتاب (العبرات)






بعد وفاة أبويها و زوجها، لم يبق لها في هذه الحياة غير أخيها و ولدها. يهاجر الأخ إلى بلاد بعيدة سعيًا وراء الرزق، فتنقطع أخباره طيلة عشرة سنوات، فلا يبق لها مؤنس سوى وحيدها الذي يملؤ عليها وحشتها.

ما إن يكبر ولدها حتى تنتقل الهموم من قلب أمه إلى قلبه، فيسعى جاهدًا لتوفير لقمة العيش لها، خصوصًا بعد أن بلغت الكبر و لم تعد قادرة على تدبّر أمره و أمر نفسها. يتّخذ الفتى الرّسم كمهنة يقتات منها و يُعين والدته ممّا تدره عليه من ربح زهيد، إلى أن يأتي يوم تُنظّم فيه مسابقة كبرى للرسم في أمريكا، فيركب الأمواج تاركًا والدته خلفه وحيدةً، لا سند لها و لا عضد، معاهدًا إيّاها أنّه سيعود إليها ظافرًا بمال الجائزة، و برفقته ذلك الغائب الذي انقطعت أخباره منذ وقت طويل.


يصل الشاب إلى واشنطن، و يشارك في المسابقة بلوحة رسمته ريشته و هي تصوّر فيها مشهد الفراق بينه و بين أمه، فيتأثر الحكّام بهذا المشهد الحزين، و يفضون إليه بالجائزة، فيفرح فرحًا عظيمًا، و يقطع على نفسه عهدًا ألا يعود إلى أمه في فرنسا إلا برفقة خاله، حتى يجعل فرحتها فرحتين.


يبدأ الفتى رحلة البحث عن خاله، فيعلم من بعض الناس أنّ خاله قد شوهد يركب البحر منذ أعوام إلى أحد الجزر للتفتيش عن معدن النحاس. فيسلك نفس الطريق التي وُصِفت له علّه يجد ضالّته، إلى أن ينتهي به المطاف إلى جزيرة سكّانها من الزّنوج السّود الذين لا يزالون يعيشون حياة بدائية، و يحملون في قلوبهم الغل و الضّغينة لبيض البشرة، فما إن يروه حتى يلتفوا به و يكبّلونه بالأغلال الثقيلة، ثم يرمونه في سجن تحت الأرض لا يصل إليه إلا بصيص من النّور.


يظل المسكين على حالته لمدة عام كامل، فقد فيها كل ما يمت لانسانيته بصلة، فلم يعد يتذكر من الماضي شيئًا، و لا يفكر في المستقبل، و نسي أنّ وراءه أمّا تحترق كبدها لفراقه، و أنّ لها عليه دينا أن يعود إليها سالمًا غانمًا. و في يوم من الأيام يخرجه السجّان إلى ساحة تلك القبيلة، و يربطه إلى أحد أوتادها بإحكام، حتى يُنفّذ فيه حكم الاعدام في اليوم التالي. و إنّه في حالته تلك إذ تأتيه فتاة في الليل الدامس و تقترح عليها أن تفكّ أسره ليفرّ من هؤلاء القوم و ينجو بنفسه قبل أن تبزغ شمس النّهار. فيقبل عرضها شريطة أن تكون رفيقته في سفرته هذه، فتقبل بعد أن يلحّ عليها بطلبه هذا، و يفرّان سويّة.


يبتعد الشاب و الفتاة عن القبيلة بمسافة طويلة، فيشعران بالتّعب و الجوع، فيجلسان إلى جذع نخلة يستظلان بظلها، فيفاتحها لأول مرّة في شأن نفسها، و يسألها عن أصلها و منبتها، و سبب بقاءها مع الزنوج رغم قسوة قلوبهم، و شراسة طبعهم، فأخبرته أنّها ابنة إحدى النّساء الزّنوج، تزوّجت رجلًا أبيضاً منذ قرابة العشرين عامًا، بعد أن أحبته و أحبها، فلما علم قومها بفعلتها، تقفوا أثرها حتى وجدوها و قتلو زوجها. و استطردت قائلةً: "لقد قتلوا أبي أما عينيّ و أنا طفلة لعوب، ثم ما لبث الحزن أن أدنى أمي بأبي في قبره، فقضت هي الأخرى. و كان آخر عهدها بالحياة أن طلبت منّي أن أعدها أن أهب نفسي لمريم العذراء ما حييت، فلا أسمح لبشريّ أن يعبث بقلبي أو بجسدي، فكان لها ما أرادت. و ها أنذا اليوم أنكث بعهدي و أحبك من حيث لا أدري."


هنا أدرك الفتى أن الرجل الذي قتله الزنوج منذ زمن بعيد ما هو إلا خاله الذي طوى البحار و القفار في سبيل إيجاده، و أن محدّثته التي أمامه ما هي إلى ابنة خاله. فاستطار فرحًا و أخبرها بمن يكون، و أنّ الصّلة التي تجمعهما ليست صلة حب فقط، بل رابطة دم و قرابة. لكن سرعان ما تبدلت سعادته هذه إلى حزن و انقباض، بعد أن لمح قارورة مرمية بجانب ابنة خاله، و في قاعها بقايا سائل أصفر، ففهم أنّ ذلك السائل ما هو إلا سم تجرّعته حتى تحفظ وصية والدتها و لو كلّفها ذلك حياتها. فيغمى عليه و بعد إفاقته يجد ابنة خاله جثة هامدة، فيبكيها كثيرًا قبل أن تفيض روحه هو الآخر. يحفر لهما أحد الكهنة قبرًا تحت تلك الشجرة و يدفنهما فيه.



في هذا الوقت تمرّ إحدى النساء بجوار منزل تلك المسكينة التي فقدت أخاها و ابنها، فلا تجدها في مكانها المعهود، و عندما تدنو منه بعض الشيء، تلمحها جثة هامدة قد سقطت في حفرة كانت قد اتخذتها قبرًا لابنها، فتهيل عليها التراب حتى تدفنها.

Post Navi

تعليقات