ملخّص كتاب (النّبي) لجبران خليل جبران

القائمة الرئيسية

الصفحات

ملخّص كتاب (النّبي) لجبران خليل جبران

 

ملخّص كتاب (النّبي) لجبران خليل جبران






 

يُعتَبر كتاب (النّبي) أنجح و أشهر كتاب لمؤلّف عربي على الاطلاق على مرّ العصور، و على الرغم من مرور قرابة القرن على نسره أول مرّة، إلا أنّه لا يَزال ضمن الكتب الأكثر طلبًا و مبيعًا و تصفّحًا من قبل القرّاء.

 

يُعتبر (النّبي) عصارة التّفكير الجبراني و خلاصة نظرته الفلسفيّة للحياة، فقد أمضى الكاتب اللّبناني قرابة الأربع سنوات في كتابته بعنايةً فائقة، و براعة منقطعة النّظير. كيف لا و قد قال مبالغًا في وصف كتابه أنّه قد فكّر فيه منذ "ألف سنة"! و صرّح سنة 1931، أي قبل وفاته بشهور قليلة، أنّه لم يدّخر أيّة فكرةً في مخيّلته إلا و أضمنها في (النّبي)، و أنّ هذا الكتاب قد شغل كلّ تفكيره، و أنّه رمز حياته كلّها.

 

و لم يكن (جبران) بالمغالِ أو المبالغ في حديثه، فحتى بعد وفاته عام 1931، إلا أنّ كتابه غزى عقول القرّاء، و أبهر كل من اطّلع عليه، فتُرجِم إلى أكثر من خمسين لغة. و ربّما كانت ترجمة الدّكتور (ثروت عكاشة) إلى العربية من أبلغ التّرجمات و أبرعها، و أقربها إلى تجسيد الفكر الجبراني المسكوب بين صفحات (النّبي) من اللغة الأصلية للتّأليف (الانجليزية) إلى لغة الكاتب الأم. فكأنّك تتصفّح الكتاب بلغته التي كُتِب بها أصلًا و أنت تقرأه مترجمًا، نظرًا للتّوفيق و التّناغم بين عبارات و توجّهات الكاتب و المترجم، حتى يخال القارئ أنّ الكاتب و المترجم ليسا سوى نفس الشّخص.

 

كتاب (النّبي) هو حياة (جبران) كلّها، ففيه سكب عواطفه، و آماله، و فلسفته، و نظرته إلى مختلف مناحي الحياة من حب، و صداقة، و عمل، و عبادة، و غيرهم، و في هذا الملّخص سنستعرض لكم أهمّ ما جاء في باكورة النّتاج الأدبي لجبران، أسطورته الخالدة [النّــبي].

 

ملخّص الكتاب:

 

مكث المصطفى طيلة اثنتي عشرة سنة في مدينة (أورفاليس) بعيداً عن موطن ولادته، بعيدًا عن أحبابه و أقرابه الذين يشدّه إليهم الحنين القاتل. و ها قد جاء اليوم الذي ظهرت فيه سفينته تشق غباب البحر قادمةً من جزيرته لتحمله إليها من جديد، و هاهم الملّاحون من أبناء وطنه يلوّحون له، و يشيرون إليه أن ينضمّ إليهم في رحلة العودة إلى الدّيار.

 

ما إن علم سكّان (أورفاليس) بخبر رحيل (المصطفى) عن بلدتهم حتى تركوا كل ما بين أيديهم من عمل، و تجمّعوا عند شاطئ البحر أين ترسو السّفينة، و أنشؤوا يسألون (المصطفى) عن شتّى شؤون الحياة، و هو يجيبهم و ينير عقولهم.

 

في الحب: لا يجمل بالمرء أن يتمتّع بمآتي الحب، إذا كان لا يقوى على تحمّل مشّاقه و تدابيره. الحب  يرفع الرّوح إلى سماء علويّة، حتى و إن أسقطها إلى أرضٍ سحيقة قبل ذلك. إذا نادى على أحدٍ فلا يملك إلا أن يستجيب إلى نداءه دون تردّد، دون أن يفكّر في العواقب و الآثار. الحبّ حبٌ مادام معنويا لا حسيًّا، فإذا استمالته الشّهوة الإنسانية، فقد طعمه و معناه. الحب لا يأخذ من نفسه إلا لنفسه، و لا يستوي مليكًا على الأرواح، إلا ليصفّيها من الشّوائب، و يمسح عنها الأدناس و الأقدار. الحبّ لا يطرق أبواب القلوب، و صوامع الصّدور، إلا إذا كانت خليقةً به، و جديرة بزيارته بحق.

 

في الزّواج: ما أجمل أن يكون الزّوجان متحابّان و قلبيهما متآلفان، ما أسعدهما و هما يرقصان على نغمة الحياة، و ما أوفر حظّهما إذا جمعتهما سويًا يد الموت. لكن حريٌ بهما أن يتركا مسافةً بين بعضهما حتى يلهو كلّ منهما عن الآخر بشأن نفسه بين الحين و الأحاين. فالزّواج يجمع روحين باسم الحبّ، لا باسم الامتلاك.

 

في الأطفال: ما الأطفال إلا أولاد الحياة، منها ينبثقون و إليها يعودون. و على الآباء أن يغذّوهم بالأفكار و التّخيلات، دون أن يلزموهم بالاصياع لها و الاذعان لأحكامها، فهم أبناء الغدّ، و هؤلاء أبناء الأمس، و هيهات هيهات أن ترجع عجلة الحياة إلى الماضي التّليد.

 

في العمل: لا يصحّ العمل و لا يكون مباركًا إلا إذا كان رفيقه الحبّ. فلا يستطيع امرئ في الوجود أن يبني منزلًا، أو يحرث أرضًا، أو يُنشدَ لحنًا، إلا إذا كان ما يقوم به ممزوجًا بعاطفة الحبّ. و خير للمرء أن يجلس أمام المعابد طالبًا الصّدقة من المحسنين، على أن ينجزّ عملًا لا يستهويه. و كثيرًا ما يقول النّاس عن العمل أنّه مجلبة للسّقاء، و أنّه لولا العمل لما كُتِب على جبين الانسان التّعب و الكد، و هذا غير صحيح، ففي العمل رزق الانسان و نصيبه من قسمة الحياة، و ما كان الرّاحة لتُعرَف إلا ككلمةٍ تتردّد على الشّفاه، لولا وجود العمل.

 

في البيع و الشّراء: كلّ امرئ سواء كان في السّوق أو خارجه، بائعًا كان أو مبتاعًا، صيّادًا كان أو بائع سمك، حطّابًا كان أو تاجر أثاث، في حاجة إلى غيره ليُتمّ عمله و يَتمّ له ما أراد. حتى المنشدون الذي يطوفون الشوارع و الأماكن، يبثّون بغيثاراتهم و مزاميرهم، روح الهمّة و النّشاط فيمن حولهم، و واجب على من يسمعونهم و يطربون لموسيقاهم، أن يبذلوا لهم من مالهم و يجزلوا لهم العطاء. فإنّ الأرض ممتلئةً بالخيرات ما يكفي أبناء الجنس البشري أجمعين. فلا يصحّ أن يغادر رجل السّوق صفر اليدين، قبل أن يملأ سلّته بالمآكل و الطّيبات، و كأسه من العصائر و الحليب.

 

في الحريّة: ليسَ حرًّا من يكبّل رسغيه بالقيود، و يثقل رجليه بالحديد أمام قصر حاكم، أو مجلس أمير، ليظهر بمظهر من يبجّل النّواميس و يحترم القوانين العامة. و إنّما الحريّة تتأتّى ببذل الأيام و اللّيالي، و التّضحية بالرّاحة و السّكينة، لمحو  القوانين المكتوبة على جبين الانسان منذ ولادته، و التي ما سُنّت و ما جُعلَت شرائع مقدسة يُقطع رأس من يخالفها، إلا لتقصّ جناحيه و تحدّ من حريّته. فلا يمكن للمرء أن يسمو إلى مراتب الحريّة إلا إذا حرّر نفسه من نفسه أولًا، فكلّ عاطفة تتقلّب في نفس الانسان ما هي إلا صنيع أفكاره و تصوّراته، لا سلطان لامرئ آخر على تكوينها و غرسها في صدره.

 

في الألم: لا يتألّم الإنسان إلا عندما تكشف له الحقيقة عن وجهها، و تنمسح من أمام عينيه الأوهام الباطلة. فإذا حدث و تمّ له ذلك، شرح قلبه للألم راضيًا، و فتح ذراعيه للحزن متجلّدًا، كما يتجرّع المريض القطرات المرّة بلمء رغبته، لعلمه أنّ فيها الشّفاء و الإبلال.

 

في الصّداقة: ما الصّداقة إلا أن يفهم الصّديق صمت صديقه دون أن ينبس ببنت شفة، و أن يستشفّ من طريق نظراته ما يلمّ بنفسه من سرور أو ألم. فهي النّفاذ إلى السّريرة قبل كل شيء، و هي تقاسم الأفراح و الأتراح، و مشاركة الدّموع و البسمات، لا تمضية أوقات الفراغ للتّسلية و المتعة فحسب.

 

في الخير و الشّر: ليس غياب الخير هو الشّر نفسه، فمن يصنع المعروف خَيِّر، و من لا يصنعه ليس بشرير، هو لا يصنعه لحاجة في نفسه، أو لعائق عثره في طريقه، و كفى! و إنّ من يعطي من ذات نفسه خَيِّر، لكنّ من يمسك عن الآخرين ليس بشرير، فقد يفعل ذلك لفاقته و عوزه، و كفى! إنّ المرء لخيِّرٌ مادام يمشي صوب أمانيه و أحلامه دون أن يطال عيره بالأذى، و لو كان ذلك على بطئ منه و تروِ.

 

في الصّلاة: ليس من سداد الرأي أن يجزع المرء إلى الصّلاة فقط إذا مسّه الضّر، و قست عليه الحياة بتصاريفها و مقاديرها. و ليس شرطًا أن تنبعث تراتيل الصّلاة من قلب يسيل بالألم و الأسى. فحريُّ بالمتعبّد أن يُصلّي إلى الله إذا أصابته السّعادة كذلك. أوليس شكر الله على نعمه المسداة أصوب من البكاء بين يديه على مصائب الدّهر؟ و لا يصحّ أن يدخل المرء إلى المعبد و في نفسه ذلّة المسألة و الاستجداء، فالله لم يخلق الانسان إلا ليعزّه و يمجّده و يجعله سيدًا على الأرض. 

 

في الجمال: إنّما الجمال رفيق في كلّ الظّروف و الأمكان و الأزمان، و دليل يرشدنا لخوض كلّ المسالك، و ليس بكلمة جوفاء تنطق بها الشّفاه و نحن نترقب قضاء حاجة من الحوائج. هو مانراه نراه دون الحاجة إلى النّظر، و نسمعه بأذنين مغلقتين. هو ما نحسّ به منبثقًا من ذوات أنفسنا، لا صادرًا ممّا يحيط بنا.

 

في الدّين: ليس الدّين أن يقول المرء كذا، أو يفعل كذا، أو يفكر في كذا، و إنّما هو كل ما يشغل الانسان بقصد منه أو بغير قصد. فمن ذا الذي لا ينتهج سبيلًا ما إلا وفق دينه و شريعته بشعور منه أو بدون شعور؟! إنّ حياة المرء و دينه لا ينفصلان أبدًا، و من أراد أن يرسم دائرة لسلوكاته و أخلاقه فقد خاب فهمه للدّين و العبادة.

 

في الموت: هو راحة للنّفس الانسانية، و جزاء لها على صبرها و تحمّلها، فيه خيرٌ لها رغم أنّها تنشد الحياة الطويلة، و تخاف اليوم الذي ينقطع فيه شهيقها و زفيرها. و ما ينقطعان إلا لتسمو الرّوح و تلتحق بالخالق الأعلى، فهنالك النّشأة و هنالك العودة.

 

Post Navi

تعليقات